القائمة الرئيسية

الصفحات

علم المناعة : اضطرابات الجھاز المناعي

اضطرابات الجھاز المناعي

مقدمة : عادة تكون الاستجابة المناعیة منظمة، متوازنة، ودقیقة، لكن في بعض الحالات قد یصاب الجھاز المناعي ببعض الاضطرابات، یمكن أن تظھر في شكل ردود فعل مفرطة، تنتج عنھا أمراض كالأرجیات، وقد یتمثل الخلل في قصور مناعي وقد یضطرب الجھاز المناعتي بشكل یجعلھ یدمر ما ھو ذاتي.

  1. كیف تحصل ھذه الاضطرابات؟ وكیف یمكن وقایة الجسم من بعضھا؟ 
  2.  ھل توجد وسائل لعلاج بعضھا؟ 

Ι - الاستجابة الأرجیة L'allergie

1 -  مفھوم الاستجابة الأرجیة :

 أ – أمثلة للاستجابات الأرجیة : أنظر الوثیقة 1 .

تتمیز الاستجابات الملاحظة على الجدول بأعراض عامة تتمثل في الالتھاب، التدمیع، عطس، سعال، سیلان أنفي، تضیق المسالك الھوائیة مما یسبب عسر تنفسي. ویمكن لنفس المؤرج أن یسبب استجابات أرجیة مختلفة حسب موقع تأثیره (الجھاز التنفسي، الھضمي، الدم ...)

من بین العوامل المحدثة لھذه الاستجابات نذكر: حبوب لقاح بعض النباتات، غبرة المنازل، القرادیات، زغب بعض الحیوانات، سم بعض الحشرات، بعض الأدویة ... نسمي ھذه العناصر بالمؤرجات Les allergènes 

 ب - تعریف الاستجابة الأرجیة: 

الأرجیات أمراض شائعة تصیب أكثر من %10 من السكان، وتكون ناتجة عن دخول عناصر أجنبیة غیر ممرضة إلى الجسم، وتسمى ھذه العناصر بالمؤرجات ، وتحدث ھذه المؤرجات استجابات مناعیة مفرطة تسبب في ظھور الأرجیات. وتسمى الاستجابات المناعیة بالاستجابة الأرجیة.

2 - خاصیات الاستجابة الأرجیة : أنظر الوثیقة 2

1 - تمثل الأعراض الملاحظة خلال ھذه التجربة استجابة مناعیة مفرطة، تسمى استجابة أرجیة. 

2 - العناصر المحدثة لھذه الأعراض ھي ھریس لوامس شقار البحر، وتسمى ھذه العناصر بالمؤرجات.

3 - نلاحظ أنھ عند الحقن الأول للمؤرج لم تظھر أعراض الاستجابة الأرجیة عند الكلب، لكن عند الحقن الثاني للمؤرج ظھرت أعراض الاستجابة اللاوقائیة عند الكلب. 

نستنتج أن الاستجابة الأرجیة لا تظھر في أول اتصال بالمؤرج، بل تظھر في الاتصال الثاني بالمؤرج وما بعده. لذلك تسمى مرحلة الاتصال الأول بالمؤرج بالمرحلة التحسیسیة La sensibilisation  ،یصبح بعدھا الشخص محسسا، فإذا تعرض مرة ثانیة لنفس المؤرج، تحدث الاستجابة الأرجیة، فتسمى ھذه المرحلة بمرحلة الحساسیة المفرطة الفوریة. .

ملحوظة : أحیانا تكون الاستجابة الأرجیة الفوریة متبوعة بمرحلة ثالثة تسمى الاستجابة الأرجیة المتأخرة H.retardé ، تظھر بعد بضع ساعات عن الاستجابة الفوریة، تجعل أعراض الأرجیة تشتد وتستمر.

3 - آلیة الاستجابة الأرجیة :

 أ – العناصر المتدخلة في الاستجابات الأرجیة : أنظر الوثیقة 3

 نلاحظ أنھ عند الأشخاص الأرجیین، قبل النوبة الأرجیة تكون الخلیة البدینة غنیة بالحبیبات الغولجیة المحتویة على الھیستامینات. وبعد النوبة الأرجیة نلاحظ اختفاء ھذه الحبیبات الغولجیة. 

نستنتج إذن أن الخلیة البدینة تتدخل في الاستجابة الأرجیة، وذلك بإفرازھا لمادة الھیستامین.

لاحظ في مصل الأشخاص المحسسون لمؤرج معین ارتفاعا في نسبة IgE ،حیث تصل عند بعض الأشخاص الأرجیین إلى 2400 ml/ng  بینما لا تتعدى ھذه النسبة  100ml/ng  عند الأشخاص العادیین. 

 یتبین من ھذه الملاحظات أن ھناك علاقة بین الاستجابة الأرجیة وإزالة تحبب الخلایا البدینة (العمادیة) وإفراز الكریوین المناعي IgE .وقد بینت دراسات أخرى أن مضاد الأجسام النوعي للمؤرج یثبت على غشاء الخلایا البدینة فیجعلھا تفرز الھیستامین المسؤول عن ظھور أعراض الأرجیة.

 ب – مراحل الاستجابة الأرجیة : أنظر الوثیقة 4 .

 a - المرحلة التحسیسیة : 

عندما یتعرض الجسم لمؤرج معین تستقبلھ البلعمیات الكبیرة التي تقوم ببلعمتھ وتعرض محدداتھ المستضادیة التي تتعرف علیھا الكریات اللمفاویة T4التي تقوم بتنشیط الكریات اللمفاویة B النوعیة للمؤرج فتتحول إلى بلزمیات تفرز مضاد الأجسام IgE النوعي للمؤرج. یھاجر IgE إلى مختلف الأنسجة التحجلدیة والتحمخاطیة، حیث یرتبط بالخلایا البدینة، كما یھاجر إلى الدم، حیث یرتبط بالقعدات فیصبح الجسم محسسا.

b - مرحلة الحساسیة المفرطة الفوریة : 

عندما یتعرض الجسم مرة ثانیة لنفس المؤرج، یثبت ھذا الأخیر علىIgE ،مما یسبب في تفریغ حویصلات الخلایا البدینة للھیستامین، وذلك على مستوى الأنسجة المصابة، فیقع التھاب الأنسجة المحلیة وظھور أعراض الاستجابة الأرجیة. وعند وصول المؤرج إلى الدم یثبت على IgE المرتبط بالقعدات، فتفرز الوسائط الالتھابیة في الجسم كلھ مما یسبب الصدمة اللاوقائیة. 

c - مرحلة الحساسیة المفرطة المتأخرة :

 تظھر الاستجابة الأرجیة من جدید بعد 24 إلى 48 ساعة بعد الإصابة الأولى حیث یعمل الھیستامین المفرز من طرف الخلایا البدینة بجذب القعدات والحمضات إلى مكان تواجد المؤرج، فیرتبط المؤرج بـ IgE المثبت على سطح القعدات والحمضات، فيفرز الھیستامین الذي یعمل على ظھور أعراض الاستجابة الأرجیة من جدید. كما یعمل على جذب قعدات وحمضات جدیدة مما یجعل أعراض النوبة الأرجیة تستمر وتشتد.

II – قصور الجھاز المناعي (السیدا): 

1 - تعریف المرض :

یعرف داء فقدان المناعة المكتسبة بالسیدا وھو اسم من أصل فرنسي SIDA مشتق من العبارة Syndrome d' Immuno Déficience Acquise وھو مرض ناتج عن قصور مناعي، وتسبب فیھ حمة أطلق علیھا اسم VIH المشتقة من العبارة virus immunodeficience humaine وھي حمة تقضي على الخلایا المناعیة فتضعف بذلك الجھاز المناعي، لتصبح بذلك أبسط الأمراض فتاكة بالجسم.

2 - بنیة حمة VIH : أنظر الوثیقة 5

سنة 1983 وبمعھد باستور بفرنسا، تمكن الباحث الفرنسي L . Montagnier من عزل الفیروس المسؤول عن داء السیدا عند الإنسان.أطلق على الفیروس المسبب لداء فقدان المناعة عند الإنسان اسم VIH .وتعتبر حمة VIH حمة قھقریة لأنھا تضم جزیئة ARN كمادة وراثیة. فیروس السیدا لا یتعدى قطره 12um.0 ،ویتطفل على الخلایا المناعیة، خاصة البلعمیات الكبیرة والخلایا المتشجرة الموجودة في جمیع المخاطیات، لكنھ یبدي ألفة أكثر للمفاویات T4

3 -  آلیة تعرف حمة VIH الخلیة الھدف : أنظر الوثیقة 6.

تعتبر جزیئة  CD4 المستقبل الأساسي لحمة VIH ،حیث یوجد بینھا وبین البروتین gp120 الحموي تكامل وتالف كبیران. توجد جزیئات CD4 بكثافة كبیرة على سطح اللمفاویات T4الناضجة، وبكثافة أقل على سطح الوحیدات والبلعمیات الكبیرة والخلایا التغصنیة. وھكذا فكل الخلایا التي تحتوي على CD4 تكون قابلة للتعفن بحمة VIH

عندما تھاجم حمة VIH بلعمیة كبیرة أو كریة لمفاویة T ،فإنھا تثبت أولا بواسطة بروتینات الغشاء gp120 على مستقبلین (المستقبل CD4 والمستقبل CCR5 أو CXCR4) ویتم ذلك عبر المراحل التالیة: 

1 -  یتعرف أحد موقعي البروتین gp120 الجزیئة CD4 ویثبت علیھا. 

2 -  یكشف ھذا التفاعل عن الموقع الثاني الذي كان محجوبا، والذي یثبت على المستقبل CCR5 أو CXCR4 .

3 -یوفر ھذا التفاعل الثنائي تماسا ضیقا بین الحمة والخلیة، ثم ینتشر البروتین gp41 الذي كان محجوبا من طرف gp120 .

4 - یؤدي  gp41 إلى تثبیت والتحام الأغشیة، وبذلك یحقن محتوى الحمة داخل الخلیة. 

4 - الدورة الاستنساخیة لحمة VIH : أنظر الوثیقة 7

تبدأ عدوى فیروس السیدا عندما یرتبط الفیروس VIH بالسطح الخارجي لخلیة T4 وبالضبط المستقبل CD4 .یتم حقن بروتینات لب الحمة مع ARN ،یقوم الناسخ العكسي بتحویل ARN الحموي إلى ADN ( فیروس قھقري Rétrovirus )  یتضاعف ADN ویرحل إلى النواة فیندمج مع ADN الخلیة T4 .وقد یستمر الفیروس كامنا دون أیة بادرة تدل على وجوده، وبدلا عن ذلك فانھ قد یجند الآلیات الخلویة لتنسخ جیناتھ إلى ARN ثم لتترجم إلى بروتینات حمویة قصد تشكل حمات جدیدة، تتبرعم من الخلیة، فتمضي للتطفل على خلایا T4 جدیدة. 

یتجلى اذن تطفل حمة VIH على اللمفاویات T4 في دخول ARN الحمة إلى الخلیة الھدف وحثھا على تركیب ADN الحموي بواسطة النسخ العكسي، لیندمج ضمن الذخیرة الوراثیة للخلیة، ويجعلھا تشكل بذلك حمات جدیدة، تحرر خارج الخلیة المعفنة.

ملاحظة : خلال النسخ العكسي، یرتكب الناسخ العكسي خطأ بعد إدراج كل 2000 نیكلیوتید مسببا ظھور طفرات على صعید الجینوم الحموي، الشيء الذي یساعد ھذا الأخیر على الإفلات من المراقبة المناعیة بالمضادات النوعیة. 

5 - مراحل مرض السیدا: أنظر الوثیقة 8

 أ – من السلبیة المصلیة إلى الایجابیة المصلیة :

 تدخل حمة VIH إلى الجسم إما عبر الدم أو المخاطات وخصوصا منھا التناسلیة. فتستقر أولا في الخلایا التغصنیة للمخاطات، ومنھا إلى الدم، فنتكلم عن مرحلة التعفن الأولي، التي تتمیز بحمى وعیاء وانتفاخ العقد اللمفاویة على مستوى العنق أو تحت الساعدین. تدوم ھذه المرحلة بضعة أسابیع قبل أن تختفي بعد أن یكون الجسم قد بدأ في إنتاج مضادات أجسام نوعیة لحمة VIH .فنقول عن الشخص أنھ أصبح ایجابي المصل ( Séropositif) .

 ب – مرحلة الكمون : 

تدوم ھذه المرحلة عدة سنوات، لا تظھر خلالھا أي أعراض عند الشخص المصاب رغم كونھ حاملا لحمة VIH .یفقد الجسم العدید من الكریات اللمفاویة T4 ،حیث یتضاءل عددھا فتحذف بذلك وظیفتھا التنشیطیة، الشيء الذي یؤثر في وظیفة T8 والبلزمیات ویعطي قصورا مناعیا.

ج – مرحلة الأمراض الانتھازیة : Maladies opportunistes  أنظر الوثیقة 9  

ینتج عن فقدان الكریات اللمفاویة T4 تدھور عام للجھاز المناعي. حیث یصبح الشخص عرضة لمختلف الأمراض الجرثومیة التي تنتھز فرصة ضعف الجھاز المناعي للشخص المصاب، فتھاجمھ، وبذلك نسمیھا أمراضا انتھازیة..

6 - آلیة تدمیر الكریات اللمفاویة T4 : أنظر الوثیقة 10

یتم تدمیر اللمفاویات T4 بعدة آلیات:

• التطفل المباشر لحمة VIH على اللمفاویات T4 ،التي تقتل بتحطیم الغشاء الخلوي اثر تكاثر وتبرعم الحمات. 

• موت اللمفاویات T4 المعفنة بفعل الانتحار الخلوي، إذ تؤدي الجزیئات الحمویة gp120 المثبتة على غشاء اللمفاویة T4 إلى تحسیسھا وتحریضھا على التدمیر الذاتي وذلك بتكثیف النواة وتجزيء ADN ) .ناتج عن استقبال الخلایا إشارات كیمیائیة خاصة أو تماس مع خلایا أخرى ). 

• تتعرض اللمفاویات T4 غیر المعفنة بحمة VIH كذلك إلى نفس الظاھرة، وذلك بتماسھا مع لمفاویات T4 معفنة حاملة على سطحھا الجزیئات gp120 ،التي ترتبط ب المستقبل CXCR4 أو CCR5 مما یحرض اللمفاویات T4 غیر المعفنة على الانتحار.  

7 - اختبارات الكشف عن السیدا :

بعد مرور 3 أسابیع إلى 3 أشھر عن دخول VIH إلى الجسم؛ ینتج ھذا الأخیر مضادات أجسام موجھة ضد بعض المحددات المستضادیة لھذا الفیروس. تعتمد اختبارات الكشف عن داء السیدا على البحث عن مضادات VIH في دم الأشخاص المختبرین.

أ – اختبار Elisa . أنظر الوثیقة 11 

یعد اختبار ELISA اختبارا سھلا وغیر مكلف، لكن یبقى غیر ناجع % 100 ،لأن فیھ احتمال للخطأ، حیث یمكن للمحددات المستضادیة الفیروسیة أن تلتقط مضادات أجسام غیر موجھة أصلا ضد VIH . ولو أن احتمال الخطأ لا یتعدى %2 ،ففي حالة اختبار إیجابي، یلزم تأكیده باختبار أكثر دقة مثل اختبار Blot Western

 ب – اختبار Blot-Western . أنظر الوثیقة 12 

یعتبر ھذا الاختبار مكلفا، لكن لا یلجأ إلیھ إلا في حالة الایجابیة المصلیة باختبارElisa.

8 - بعض المحاولات العلاجیة لداء السیدا :

 أ – إبطال فعالیة VIH :

حیث تستعمل بعض الأدویة التي تعرقل بعض مراحل دورة الفیروس مثل: 

• إعاقة دخول VIH إلى LT4 وذلك بحقن الشخص بمضادات أجسام نوعیة لبروتینات gp120 الفیروسیة مثلا أو بحقن الشخص بجزیئات CD4 الحرة التي تعمل على شغل جزیئات gp120 الفیروسیة. 

• تخریب ARN’L الفیروسي وذلك بحقن المصاب بمادة interféron’l مثلا وھو بروتین تفرزه الخلایا المعفنة بالحمات لتنذر الخلایا السلیمة بھدف المقاومة ضد الفیروس المعني. 

• إیقاف الاستنساخ العكسي بواسطة عقار AZT= Azidothymine أو DDI اللذان یكبحان عمل أنزیم الناسخ العكسي، لكن لسوء الحظ یمكن لھذا الأنزیم أن یتغیر بفعل طفرات الفیروس فتصبح ھذه الأدویة غیر فعالة، من جھة ثانیة، لھذه الأدویة سمیة اتجاه الجسم، لذلك لا توصف إلا لدوي السیدا الحقیقیة أو إیجابیي المصل الذین انخفضت كثافة LT4 لدیھم لى ما دون 200 كریة في كل mm³ من الدم.

ملحوظة : ھذه المحاولات العلاجیة تخفف من آلام المصاب لكن لا تقضي على الفیروس المسبب للمرض 


reaction:

تعليقات